تقديم الشيخ زهير الشاويش (رحمه الله) للأعمال الفكرية الكاملة
المجلد الأول، ص5-7
تقديم
بقلم: زهير الشاويش
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أن محمداً رسول الله، بعثه الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله.
وبعد:
فإنه ليسعدنا، في «المكتب الإسلامي»، أن نقوم بطباعة ونشر هذا العمل الفكري الكبير ليُضاف إلى ما اضطلع به «المكتب» - منذ أكثر من نصف قرن- من إنجازات متميزة في خدمة العلوم الشرعية، من: حديث وتفسير وفقه وأصول، وما تفرد به تقريباً من خدمة للسنة النبوية، ونفي نوابت السوء عنها، وتنقية عقيدة التوحيد من البدع والخرافات والزيغ والضلال؛ هذا إضافة إلى إصدارات عديدة في مجال السيرة والتاريخ والأدب والأنساب والثقافة الإسلامية، بما يحقق للمسلم استصحاب الماضي والتحقق بالمرجعية الشرعية، ويضمن له الاتصال بالعصر واستشراف المستقبل، وتبصيره بكيفية التعامل معه على هدي من قيم الكتاب والسنة.
ولما اطلعت على بعض ما جاء في هذا العمل الثقافي المتميز، رأيت أفكاراً مهمة ومتجددة، وآراء نضيجة ومؤصلة شرعياً، ومراجعات منصفة، وإشارات دقيقة لمواطن الخلل، الذي يعتري الحياة الإسلامية، وإحياء حسبة المناصحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى لا نقع في علل من كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، حيث كان منطلق هذه المراجعات قوله تعالى: ( قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ...)(آل عمران:165).
ولا غرابة، فإن الأخ الكبير قدراً ومكانة (وهو أصغر سناً مني) قد يسر الله له العناية الكبرى في «مجلة حضارة الإسلام»، التي أنشأها أستاذنا الدكتور الشيخ مصطفى السباعي، رحمه الله، ورأس تحريرها أخي الدكتور الشيخ محمد أديب الصالح، وكان مدير تحريرها أخي الأستاذ عمر عبيد حسنه؛ ثم انفرد بإصدار «مجلة الأمة» القطرية الغراء، كتب الله لها العودة.
وتولى العناية بمكتبة العالم الجليل الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني، حاكم قطر الأسبق، الذي تشرفت بالعمل معه عشر سنوات بالمكتبة والطباعة والمشورة، تغمده الله برحمته.
كما اضطلع أخي عمر بالإشراف على جائزة «الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني» واختيار موضوعاتها وتصميم محاورها، إضافة إلى رئاسة تحرير سلسلة «كتاب الأمة».
وما لا أعلم من نشاطات أخرى له، لا أجدها، ولا أطلع عليها، إلا بعد صدورها، يحضرها لي ابني بلال -وفقه الله- (مطبوعة ومنفذة) وخالية مما اعتاده الناس في المطبوعات من إهمال وأغلاط، ولكن فيها زوائد وحواشي تحوي كل فائدة وعلم نافع (زاده الله تواضعاً).
وإنني وجدت في هذه «الأعمال الفكرية الكاملة» ما يكفي العالِم المطلع، والطالب المستفيد، والمؤمن المتقد قلبُه الإيمان؛ فقد فتحت ملف الكثير من القضايا الملتبسة، وحاولت تقديم إضاءات نافعة ومفيدة حولها.
وقد رافقت هذه «الأعمال» مسيرة حركة اليقظة الإسلامية المعاصرة، وساهمت إلى حدٍ بعيد بتسديد خطواتها وجبْر عثراتها وتبصيرها بأبعاد رسالتها.
أطال الله عمر أخي العلامة الأستاذ عمر عبيد حسنه، ويسر له الخير حيث كان.
وبارك في أهله وأولاده الذين وجدتُ فيهم، بحمد الله، ما وجدته في والدهم من دأب على العلم ونشره وتقديم النافع للناس، والله سبحانه قدَّرهم على ذلك.
أسأل الله أن يكتب لهذا العمل القبول، وأن ينفع به.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
غرة شوال 1432 هجرية